رياضة

شعاع من مارج: ما هكذا نحل مشاكلنا

شعاع من مارج 24

مع تصفيرة نهاية مباراة تونس وغامبيا بدأت التعاليق الساخطة والساخرة وبدأت تعاليق الإستهزاء في تصوير كوميدي قبيح أحيانا لما سيحصل للمنتخب التونسي ضد نظيره النيجيري في المباراة التي ستجمعهما اليوم في غاروا. لقد سبق أن قلت إنه من حق كل واحد أن يدلي بدلوه في ما يتعلق بالمنتخب. فهو لكل التونسيين في أول الأمر وآخره ومن حق كل واحد أن يغضب فالغاضب في آخر الأمر محب.  لكن ما لا نريده هو خلط الأمور بعضها ببعض. إذ لا يعقل أن نوجه سخطنا إلى أطراف بسبب وجود أطراف أخرى تحيط بها ولا نتفق معها.  فكل طرف يحاسب على قدر مسؤوليته في الهزيمة حين تحصل. وليس من المعقول أن نحاسب لاعبا بسبب خطأ ارتكبه إداري مثلا. ثم لماذا هذا التحامل و التشنج المبالغ فيه والمنتخب لم ينه منافسته بعد؟ أكثر من ذلك  هو في وضع يدعو إلى الإسهام في رفع معنوياته، إن لم يكن بالكلام الطيب والتشجيع فبالسكوت حتى يجعل الله أمرا كان مقضيا، وبعدها سنجد الوقت بما يكفي و للحساب والعتاب وتحميل المسؤوليات. ولم هذه الجرعة الإيجابية التي نهديها إلى منتخب نيجيريا ونحن نصوّره في صورة العملاق و نصوّر له منتخبنا في صورة قزم لا حول ولا قوة له؟

صحيح أن المنطق يقول إن منتخب نيجيريا هو على الورق أقوى منا و له فيلق لاعبين محترفين أقوى مما عندنا. ولقد كان في كل مواجهاته السابقة معنا أفضل على الورق لكن رغم ذلك فقد انتصرنا عليه في ست مناسبات وانتصرعلينا في خمس وانتهت ست أخرى بالتعادل. و لقد حصل أن واجهناه مرة في مباراة أصعب عشرات المرات من مباراة اليوم، حصل ذلك في سنة 1977 في لاغوس في إطار تصفيات كأس العالم. وقتها تعادل معنا منتخب نيجيريا في ملعب المنزه دون أهداف  ذهابا و قلنا وقتها إن كل شئ انتهى. وجاء موعد مباراة الإياب وكان وقتها مجرد السفر إلى لاغوس بمثابة الإنتحار. وسافرنا وانتصرنا بهدف سجله مدافع نيجيري في مرمى حارسه العملاق أوكالا الذي حين تراه و ترى تركيبته الجسمانية تحتار من أية ناحية ستولج له كرة في الشباك. تلك المباراة مازال من لعب فيها من أبنائنا لا يجد تفسيرا لها، كيف انتصرنا وقتها؟ بل كيف عدنا إلى تونس سالمين؟  الله أعلم. لكن ذاك ما حصل و ذاك ما سجله التاريخ، تونس هزمت نيجيريا في لاغوس بالذات وهي التي سبق لها أن نكلت بالمنتخب المصري في ملعبها برباعية كاملة، منتخب الخطيب وجعفر والمختار وإكرامي وغيرهم من الأساطير المصرية.

تلك هي كرة القدم، أنت تعد حسابا و خصمك يعد حسابا والكرة لها أيضا حساب وهي التي تفصل الأمر في الأخير. لذلك لنترك للكرة المجال كي تعلمنا بقرارها آخر هذه الليلة ولنخصص باقي الوقت من هذا اليوم و قبل بداية المباراة  لنوظف كل براعتنا في تأليف كلمات و شعارات التشجيع و المساندة للاعبينا فهم في هذه الظروف القاسية في أشد الحاجة إلى كلمة ترفع المعنويات.

أما مشاكلنا فلا تحل باستغلال فترات ضعف المنتخب. المشاكل تحل بالحكمة في فترات الإستقرار والفرحة. ولكن معضلتنا  الدائمة أننا نتخمر في كل الحالات. نتخمر وقت الهزيمة ونتخمر وقت الإنتصار، لهذا السبب فإن مشاكلنا أصبحت أبدية وربما لن تنتهي إلى حل وسنواصل أكل بعضنا البعض و يجري بنا ساخرا منا جميعا إلى أن نستفيق ونفهم  أنه ما هكذا نحل المشاكل.

Tagged , ,

About عبد الباقي بن مسعود