المناخ

سلاحف وادي شيبة في تونس تقاوم شبح الجفاف (صور)

سلاحف سد وادي شيبة

على إثر نضوب المياه، تواجه سلاحف سد وادي شيبة في ولاية نابل شمال شرقي تونس امتحانا حقيقيا من أجل مواصلة حياتها الطبيعية التي دأبت عليها منذ أن شيّد السد عام 1963.
وتبدو السلاحف في المنطقة تطارد ما تبقى من مياه السد التي انحسرت إلى أبعد حد، ما يهدد حياة هذه الكائنات.
وفي تصريحات سابقة للأناضول، قال الأستاذ الباحث في الجامعة التونسية وخبير تحلية المياه حمزة الفيل، إن “نسبة امتلاء السدود الآن أقل من 30 بالمئة، والأمطار في الشتاء الماضي لم ترفع النسبة في السدود الكبرى”.

شح المياه
والوضع في سد وادي شيبة يشبه الكارثة، فوفق إحصائيات رسمية تعود إلى جانفي الماضي، نشرتها المندوبية الجهوية للفلاحة بنابل (حكومية) فقد بلغت نسبة امتلاء السد 0.1 بالمئة بما يقدر بألفي متر مكعب من أصل طاقة استيعاب تناهز 3.8 ملايين مكعب.
بقعة الماء المتبقية من مساحة السد الشاسعة تحاول السلاحف الالتحاق بها لتسبح كما تعودت طوال عقود مضت ولكن طين القاع يمنعها.
ولا تزال تعيش عشرات السلاحف في المنطقة على أمل عودة امتلاء السد مجددا لتمارس حياتها الطبيعية كما كانت سابقا.
الناشط البيئي بمدينة قربة في ولاية نابل يوسف الجربي قال إن “الانخفاض الكبير لمياه السد جعل المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية تنبه الفلاحين لعدم زراعة أي خضراوات تحتاج للري بكميات مياه كبيرة، للصيف المقبل مثل الطماطم والفلفل الذي تشتهر به المنطقة”.
وأضاف الجربي في تصريحات للأناضول: “نتوقع أن تطول مدة الجفاف باقتراب الصيف ونأمل مع أمطار الخريف الغزيرة أن يعود السد إلى وضعه الطبيعي”.

هل الحياة البرية مهددة؟
من جانبه، رأى الباحث في علم البيئة وإدارة التنوع البيولوجي عبد القادر الجبالي، أن انحسار مياه السد لا يشكل على المدى القصير خطرا حقيقيا على بقاء التنوع البيولوجي بالمنطقة لا سيما بالنسبة للطيور والزواحف المائية، فقد تكيفت هذه الأنواع على مر العصور مع مناخ شمال إفريقيا الذي يتميز بصيف شديد الحرارة والجفاف.
وأضاف الجبالي في تصريحات للأناضول، أن “متوسط عدد السنين التي تعاني من نقص في الأمطار بمنطقتنا سنتان من كل ثلاث سنوات. الحيوانات بالمنطقة تعوّدت على الندرة واكتسبت قدرة هائلة على التكيف مع الظروف الصعبة”.

وتابع: “في هذه الحالة تتخذ عديد الأنواع الحيوانية استراتيجيات من أجل البقاء على قيد الحياة كالانتقال إلى المناطق التي تكون فيها المسطحات المائية دائمة أو دخول بعض الأنواع في حالة من الخمول (سبات صيفي) مثل سلاحف المياه العذبة”.
إلا أن الجبالي بدا متخوفا من طول فترات الجفاف ومخاطرها على الحياة البرية في المسطحات المائية قائلا: “لكن يبرز الخطر على الحياة البرية عندما تمتدّ فترات الجفاف على مدى سنوات طويلة ومتتالية”.
في السياق نفسه، قلل الناشط البيئي الجربي من وجود مخاطر حقيقية على حياة السلاحف في سد شيبة.
وقال إن “السلاحف في سد وادي شيبة هي كائنات برمائية لا يهدد نضوب الماء حياتها ولكنها تفقد جزءا مهما من نشاطها اليومي يتمثل بالسباحة في السد”.
لكن بعض العاملين في السد أشاروا في حديثهم لمراسل الأناضول، إلى تسجيل حالات نفوق بين السلاحف في السد خلال الفترة الماضية.

الخطر قائم
وفي هذا الجانب، قال الباحث الجبالي إنه “من المتعارف عليه تواجد نوعين من سلاحف المياه العذبة في تونس، أحدهما مهدّد بالانقراض نظراً لأعداده المتواضعة وتوزيعه الجغرافي المحدود، وبالتالي يصبح من الأكيد تعرضها للخطر إن نضبت المسطحات المائية خاصة إذا استمر الجفاف العام المقبل وامتد أكثر”.
وتابع: “سلاحف المياه العذبة لا تحتاج إلى مسطحات مائية فحسب، بل تحتاج لنظام بيئي متكامل به أحزمة نباتات كثيفة ومناطق موحلة يمكن أن توفر لها ملاذًا أثناء الفترات المناخية الصعبة بالإضافة إلى الشواطئ الرخوة التي تستعملها لوضع البيض”.
وحذر الجبالي من أن “موجات الجفاف المتتالية والواسعة تؤدي لاختفاء الغطاء النباتي وجفاف المناطق الموحلة أو الرطبة القريبة، ما يؤدي لاختفاء الملاجئ المحتملة وبالتالي يجعل من الصعب على هذه الأنواع المهددة أيضًا بالنشاطات البشريّة والصيد الجائر البقاء على قيد الحياة”.

التغيرات المناخية
وعما إذا كانت التغيرات المناخية العالمية وراء تدهور الوضع المائي بالسدود التونسية، قال الجبالي “صحيح أن التغيّرات المناخيّة بالعالم أصبحت حقيقة لا يمكن إنكارها، لكن لا يمنعنا هذا من استباق مشكلة نقص المياه سواء بالنسبة للبشر أو بالنسبة للتنوع البيولوجي، إذ أصبحت قضية حياتية تنذر بالخطر”.

Tagged , , , , , ,