مجتمع

تونس .. محطة استقرار آلاف اللاجئين لسنوات

مخيم الشوشة بمدينة بن قردان التابعة لولاية مدنين الحدودية مع ليبيا

شهدت تونس خلال العقود الماضية موجات لجوء لآلاف الأشخاص من بلدان عربية وإفريقية، سواء الفارين منهم من قسوة الحروب والنزاعات أو الباحثين عن أوضاع اجتماعية أفضل.
وفي عام 2023، وصل عدد اللاجئين وطالبي اللجوء في تونس إلى 9 آلاف و547 لاجئا، بينهم 5 آلاف و900 من الذكور، ونحو 3 آلاف و600 من الإناث، من جنسيات مختلفة أبرزها ساحل العاج وسوريا والسودان والكاميرون، وفق تقرير للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
ويتوزع اللاجئون في تونس في عدة مدن أبرزها العاصمة بنحو 4 آلاف و390 لاجئا، و2200 في صفاقس (وسط)، و1200 في مدنين (جنوب)، وأكثر من 6 آلاف و500 آخرين قدموا طلباتهم للحصول على حق اللجوء إلى تونس، حسب التقرير.
وينحدر طالبو اللجوء في تونس عام 2020 من نحو 45 دولة مقارنة بـ20 دولة في 2019، وفقا لتقرير سابق للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين.
وتكشف بيانات حديثة للمجلس التونسي للاجئين (منظمة غير حكومية) تضاعف عدد طلبات اللجوء في البلاد خمس مرات خلال الفترة بين جانفي 2019 وجانفي 2023، إذ ارتفع عددها من 1245 إلى 6700، مسجلة رقما قياسيا في البلاد.
القادمون من ليبيا
وبعد اندلاع ثورة 17 فيفري 2011 ضد نظام عمر القذافي في ليبيا، برزت مشاكل اللاجئين في تونس بشكل كبير، حيث تدفق الآلاف منهم من الجنوب التونسي قادمين من ليبيا نتيجة تدهور الأوضاع الأمنية والمعيشية.
وعند الحديث عن موجة توافد الليبيين إلى تونس، لا بد من الإشارة إلى مخيم الشوشة بمدينة بن قردان التابعة لولاية مدنين الحدودية مع ليبيا، الذّي استقبل نحو مليون شخص، بينهم 200 ألف من غير الليبيين، حسب إحصاءات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
ورغم سرعة سقوط نظام القذافي آنذاك، إلا أن موجة لجوء الليبيين إلى تونس لم تتوقف، بل استمرت بين عامي 2012 و2015، في فترة تميزت بتصعيد أمني دفع آلاف من الليبيين إلى التوجه نحو الأراضي التونسية هربا من النزاع.
وتراوح عدد الليبيين في تونس عام 2016 بين 300 ألف و350 ألف شخص، وفق أرقام رسمية.
اللاجئون السوريون
ومن سوريا، توافد آلاف اللاجئين عام 2011 إلى تونس بطرق غير نظامية، فارين من الحرب التي اندلعت إثر تعامل نظام الأسد بقوة مع ثورة شعبية خرجت ضده في 15 مارس من العام ذاته.
وبلغ عدد اللاجئين السوريين في تونس آنذاك نحو أربعة آلاف بحسب إحصائيات لمنظمات المجتمع المدني، إلا أن العدد تضاءل مع مرور الوقت بعد مغادرة عدد منهم إلى بلدان أوروبية أو غيرها.
واحصت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين حتى نوفمبر2021 وجود 2332 لاجئا سوريا في تونس، بينهم 1159 من الإناث، غالبيتهن في الفئة العمرية بين 18 و59 سنة.
ويذكر أن وزارة العدل التونسية اعتمدت عام 2012 قانونا يضمن جملة من الحقوق للاجئين مساواة بالمواطن التونسي، أهمها حرية المعتقد وممارسة الشعائر الدينية والحق في الحصول على الإغاثة والمساعدة العامة والتعليم الأساسي والصحة والتقاضي، كما فرض القانون على الدولة تخصيص الاعتمادات والموارد اللازمة لضمان ممارسة تلك الحقوق.
أفارقة جنوب الصحراء
مثلت قوارب الهجرة غير النظامية المحملة بآلاف الأفارقة من بلدان جنوب الصحراء، موجة أخرى من موجات اللجوء إلى تونس، شهدت غرق المئات من اللاجئين في البحر المتوسط.
ووفق مدير عام شرطة الحدود والأجانب بوزارة الداخلية التونسية عماد الزغلامي، وصل عدد الأفارقة القادمين من جنوب الصحراء إلى تونس والمقيمين بصفة غير نظامية 21 ألفا و471 شخصا، حتى مارس 2023.
بينما وصل عدد الأفارقة المقيمين بصفة نظامية نحو 5 آلاف و396 شخصا، بينهم 5 آلاف و30 طالبا، وفق الزغلامي.
ويصل عشرات المهاجرين غير النظاميين من دول جنوب الصحراء إلى تونس، لطلب اللجوء فيها هربا من أوضاع اقتصادية واجتماعية صعبة في بلدانهم الأصلية، بينما يتخذها آخرون محطة للهجرة غير النظامية إلى أوربا عبر البحر.
أوضاع غير مرضية
ورغم صعوبة حصول اللاجئين على وثائق إقامة قانونية، إلا أن تونس التي وقعت على عدة معاهدات دولية متعلقة بالهجرة واللجوء، لا تمنع المهاجرين غير النظاميين من المكوث فيها بحثا عن مورد رزق لهم.
وكشفت دراسة مشتركة صدرت أواخر عام 2021 عن “مركز الهجرة المختلطة” في شمال أفريقيا ومؤسسة “هاينريش بل” الألمانية بعنوان “المصاعب المخفية للقوى العاملة الغائبة عن الأنظار: الحياة الاقتصادية للاجئين والمهاجرين في تونس”، أن أكثر من 50 بالمائة من اللاجئين الذكور في تونس يعملون في محلات تجارية ومطاعم، فيما تعمل 50 بالمائة من المهاجرات واللاجئات في الأعمال المنزلية، و40 بالمائة منهن يعملن في المقاهي والمطاعم.
وأبرزت الدراسة أيضا أن 2 بالمائة فقط ممن شملتهم الدراسة، أعربوا عن رضاهم التام عن ظروف العمل مقابل 39 بالمائة غير راضين عن ظروف عملهم.
وأوضحت دراسة سابقة لمنتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، حصول العمال المهاجرين غير النظاميين على وظائف في قطاعات معينة من الاقتصاد المحلي كالمطاعم 34 بالمائة والخدمات المنزلية 21 بالمائة، ثم البناء 20 بالمائة والحرف والمهن الحرة 18بالمائة، في حين تستقطب قطاعات أخرى نسباً ضعيفة من اليد العاملة المهاجرة.
وبينت ذات الدراسة أن تلك الفئة تحصل بطريقة غير نظامية على فرص للقيام بأعمال غير نظامية.
من جانبها، أكدت بيانات للاتحاد العام التونسي للشغل (المنظمة النقابية التونسية) عام 2021، أن عدد العمال الأفارقة الذين مروّا من سوق العمل التونسية يقدّر بأكثر من 700 ألف، بسبب تدفق المهاجرين غير النظاميين الذين كانوا يعملون في ليبيا إلى البلاد خلال السنوات الأخيرة.

Tagged , , , , ,