شعاع من مارج (5): أفضل دعاء

اللهم اجعل كيد من يكيد لهذا الوطن في نحره و اجعل اللهم تدبيره تدميره يا عدل يا صمد يا واحد يا أحد.
ليس أفضل من هذا الدعاء نفتتح به عامنا الجديد، حبا لهذه البلاد التي مات من أجلها الرجال و نهش لحمها الأنذال.
أي بشاعة هذه التي مارسوا وهم يستبيحون شرف أجمل خلق الدنيا، قرطاجة، هذه المليحة التي ما إن ولدت حتى صارت أمنية لكل خلق الله في كل ناحية من الأرض.
لقد أنهكوها حتى صارت عاجزة عن الوقوف.
لقد قطعوا أنفاسها حتى صارت لا تقدر على الحركة.
لقد جوعوها حتى صارت تتسول قوت يومها فلا تجد إلا فتاتا.
نكلوا بها و تقاذفوها كالكرة بين أرجلهم المدنسة .
وهي رغم جراحها وآلامها تفتح ذراعيها أما حنونا لا تستطيع كرما أن ترد الإساءة بالإساءة لمن حملت في بطنها.
تحملت كل الأذى دون أن ترد عليهم بما يتسبب لهم في وجيعة.
عاملتهم بالإحسان للبنين رغم تنكرهم لواجب الإحسان لمن ولد.
وهي، رغم دناءتهم إزاءها،ترفق بهم لعلهم يهتدون وتذرف دمعها خوفا عليهم من غضب الخالق.
هم ينكلون بها تنكيلا وهي تهتز فزعا من سوء المصير. ومن سخط من أوصى بالوالدين إحسانا.
أي قلب معطاء تحمل أيها الوطن الجميل؟ أي سخاء وهبك الله يا أجمل خضراء في الوجود؟
هل سنصدق ما رواه السابقون من أن ترابك “سخون”؟
هل سنصدق ما رواه السابقون من أن ترابك يرعاه الأولياء الصالحون؟
هل سنصدق، ولم لا نصدق؟ وخضراؤنا رغم كل ما فعلوا و يفعلون بها، رغم علتها، رغم هزالها، رغم جوعها، مازالت تعرض لنا ثديها أملا في أن يدر علينا جرعة تنقذ أرواحنا، أو بعض حنان يبعث فينا نفسا ينعش أجسادنا المتهالكة.
أي دين هذا الذي تتحمله كواهلنا وأنّى لنا أن نعيده؟
كيف لنا أن نجزيك حقك بعد كل الذي أغدقته من حب وحنان وسخاء وعطاء لا يمكن إلا لقلبك اتساعه؟
لا نستطيع، لا نستطيع قبل أن يقطع دابر الانذال الذين استباحوا شرفك والسراق الذين نهبوا خيرك وتجار السوء الذين عرضوك أسيرة في سوق النخاسة.
لا نستطيع و ليس لنا إلا اللجوء إلى من لا تخفى عليه خافية والدعاء.
فارفعوا أياديكم إلى السماء، لعل هذا العام يكون عام شفاء.